سيثير فوز ميلانو بدوري الدرجة الأولى الايطالي لكرة القدم سعادة غامرة بين المشجعين الذين عانوا طويلا خاصة أن احراز اللقب مع مدرب غير معروف بدا أمرا مستبعدا للغاية قبل حملة انفاق سخية على ضم لاعبين جدد قبل انطلاق الموسم مباشرة.
وستخيم لمحة من الحزن على أجواء استاد سان سيرو السعيدة في ظل انتهاء عقود لاعبين مثل الهولندي كلارنس سيدورف البالغ عمره 35 عاما والمقرر أن يترك النادي.
ولا يزال مستقبل زلاتان ابراهيموفيتش غير واضح رغم انجاز المهاجم السويدي باحراز لقب الدوري للمرة الثامنة في اخر ثمانية مواسم مع خمسة أندية من بينها لقبان مع يوفنتوس تم تجريده منهما في فضيحة تلاعب بنتائج مباريات دوري الدرجة الأولى الايطالي.
وعلى نحو مضاد لفريق أحرز لتوه أول لقب له في الدوري الايطالي منذ عام 2004 يحتاج ميلانو الى عملية اعادة بناء لكن المدرب ماسيميليانو اليجري أثبت هذا الموسم أنه يملك كل مقومات النجاح ولو في بطولة دوري ضعيفة للغاية.
ولم يكن اليجري معروفا تقريبا خارج ايطاليا عندما عين مدربا لميلانو في يونيو حزيران الماضي بعدما أقاله كالياري لتفاوضه مع أندية أخرى.
وقام اليجري - الذي كان قبل 2008 يتولى تدريب فرق في الدرجات الأدنى بايطاليا - بعمل جيد للابقاء على كالياري في الدرجة الأولى ولعب بأسلوب هجومي أثار اعجاب مالك ميلانو سيلفيو برلسكوني.
وبعد أن فاض الكيل بالمدرب السابق ليوناردو من تدخل برلسكوني في عمله ليترك النادي بعد الحصول على المركز الثالث الموسم الماضي تولى اليجري مهمة يعتبرها بعض المدربين محفوفة بالمخاطر وحافظ على وقاره وهدوئه طوال الوقت.
وقال رينزو اوليفييري رئيس اتحاد مدربي الدوري الايطالي لرويترز "يعرف كيف يقوم بعمله.. شق طريقه من الدرجات الأدنى في الدوري واستحق الحصول على فرصة في ناد كبير."
وأضاف "منح ميلانو توازنا كبيرا كان الفريق يفتقده من قبل. كان شجاعا في اتخاذ القرارات السليمة. خاطر باللعب بالعديد من المهاجمين لكنه نجح في الوصول للتوازن المطلوب."
ويعرف عن المدربين الايطاليين سلوكهم المسرحي وفقدانهم لهدوئهم وهو ما يتناقض مع اليجري الهاديء والمنظم.
وكان اليوم الأول في معسكر الاعداد للموسم الجديد دليلا على ذلك.
ووصل رئيس الوزراء الايطالي برلسكوني الى مقر تدريب ميلانو بطائرة مروحية وتولى بنفسه الرد على الأسئلة في مؤتمر صحفي بينما جلس اليجري بدون أي انفعالات بجوار عدد من اللاعبين الجدد متوسطي المستوى.
وشعر المشجعون بالاحباط من فترة انتقالات أخرى خالية من التعاقد مع أي لاعب كبير وعندما سئل عما اذا كان ميلانو يفتقد وجود لاعب مثل ابراهيموفيتش ضحك برلسكوني وقال إن مهاجم انترناسيونالي السابق لن يلائم النادي.
وبعد عدة أسابيع ترك المهاجم السويدي برشلونة على نحو مفاجيء لينضم الى ميلانو بعدما أدرك برلسكوني أنه يتعين عليه انفاق أموال لمحاولة منع انترناسيونالي من الحصول على لقب الدوري للمرة السادسة على التوالي.
ولم تكن المخاوف من غضب جماهيري جراء التعاقد مع لاعب سابق في انترناسيونالي فاز معه بالدوري في 2007 و2008 و2009 موجودة في ظل ادراك مشجعي ميلانو أنهم بحاجة للاعب بحجم ابراهيموفيتش سواء بدنيا أو لخبرته في دوري الدرجة الأولى الايطالي.
وأثار التعاقد مع المهاجم البرازيلي روبينيو صاحب المستوى المتذبذب في اليوم الأخير للانتقالات في أغسطس اب الدهشة لكن ثقة المدرب كان لها مفعول السحر مع لاعب ريال مدريد ومانشستر سيتي السابق.
وكانت النتائج فورية وبدأ روبينيو في التألق بينما تجاوز ابراهيموفيتش سريعا احباط الموسم الذي أمضاه مع برشلونة رغم فوزه بالدوري وعاد الى الأجواء الايطالية التي يفضلها حيث تألق لأول مرة مع يوفنتوس في 2005 و2006.
وتراجع مستوى ابراهيموفيتش وأدت مشاكله المتعلقة بالانضباط قرب نهاية الموسم الى أن يتساءل برلسكوني عما اذا "أهدر أمواله" لكن مع تعثر انترناسيونالي وافتقار نابولي للخبرة وابتعاد يوفنتوس كان ميلانو قام بما يكفي بالفعل.
وقال اليجري للصحفيين "تطورنا كثيرا منذ يناير من الناحية الدفاعية وفي المعتاد الفريق الذي يملك أفضل دفاع يفوز باللقب."
وأضاف "أنا محظوظ لأني جئت الى ميلانو في العام الذي عاد فيه النادي للانفاق في سوق الانتقالات."
وحتى الاصابات التي مني بها مهاجم البرازيل الكسندر باتو وانضمام المهاجم المثير للجدل انطونيو كاسانو من سامبدوريا في يناير كانون الثاني لم يكن لها تأثير على مسيرة ميلانو.
وكان الفوز 3-صفر على انترناسيونالي في مباراة قمة في ابريل نيسان بمثابة نقطة حاسمة وحتى في ظل عدم ظهور ميلانو بشكل رائع إلا أنه استغل الفرص التي لاحت له مثلما فعل أغلب فترات الموسم ودافع بشكل جيد بفضل تألق الحارس كريستيان ابياتي.
ولم ينجح انترناسيونالي الذي يدربه الان ليوناردو في التعافي من اثار الهزيمة ولم يكن جوزيه مورينيو موجودا في غرفة الملابس لمنح الفريق دفعة واثارة توتر ميلانو بتذكير الجميع بثلاثية الألقاب التي أحرزها في 2010.
وسيكون الموسم المقبل أصعب لميلانو في ظل تحفز انترناسيونالي وضخ الملاك الامريكيين الجدد للأموال في روما وانتعاش يوفنتوس بافتتاح ملعبه الجديد.
واندريا بيرلو من بين لاعبي ميلانو الجديرين بالاحترام رغم ابتعاده عن أفضل أيامه الذين قد يتركوا النادي بينما سيجعل لقب دوري الدرجة الأولى الايطالي برلسكوني يفكر في أن الفريق يملك فرصة في دوري أبطال اوروبا الموسم المقبل وهي البطولة التي فاز بها لاخر مرة في 2007.
ومع ذلك سيدرك اليجري أن ميلانو بطل اوروبا سبع مرات لم يعد لهذا المستوى بعد وهو ما وضح في خروجه من دور الستة عشر هذا الموسم بالهزيمة أمام توتنهام هوتسبير.