لن تكون المباراة النهائية لبطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بين برشلونة الأسباني ومانشستر يونايتد الإنجليزي والمقررة بعد غد السبت مجرد مواجهة بين اثنين من بين أكثر الفرق جاذبية في أوروبا ولكنها ستكون أيضا مواجهة ذات طابع خاص بين اثنين من أبرع وأذكى المدربين إن لم يكونا الأذكى على الإطلاق.
ويرتدي سير أليكس فيرجسون المدير الفني الاسكتلندي لفريق مانشستر يونايتد عباءة الأستاذ الكبير والقدير بعدما أجاد على مدار سنوات طويلة في القيام بدوره من خلال قيادة الشياطين الحمر إلى العديد من الألقاب محليا وأوروبيا وعالميا.
وفي المقابل ، نجح المدرب جوسيب جوارديولا في عبور مرحلة الطالب أو التلميذ النجيب في مدرسة التدريب وأصبح من العلامات المميزة في هذا المجال على مدار السنوات الثلاث الماضية ليصبح بمثابة التحدي الكبير لفيرجسون خاصة وأن جوارديولا يتميز بأفكاره الجديدة وذهنه الحاضر.
واصطدم المدربان من قبل في نهائي البطولة نفسها وتغلب جوارديولا على الفارق الكبير في السن والخبرة ليقود برشلونة إلى الفوز بلقب البطولة بعد التغلب على مانشستر يونايتد وفيرجسون 2/صفر في نهائي البطولة عام 2009 بالعاصمة الإيطالية روما.
وقبل عامين فقط كان جوارديولا في الثامنة والثلاثين من عمره ولكنه نجح في التغلب على فارق الثلاثين عاما التي تفصله عن الثعلب العجوز فيرجسون من خلال تغيير طفيف في مراكز لاعبيه بتبديل مركزي نجمي الهجوم الكاميروني صامويل إيتو رأس حربة الفريق والأرجنتيني ليونيل ميسي الذي يميل للعب دائما كساعد هجوم في الناحية اليمنى من الملعب.
وارتبك دفاع مانشستر وفشل في التعامل مع هذا التغيير غير المتوقع لينجح كل من إيتو وميسي في هز الشباك ويتوج برشلونة باللقب.
والآن ، ما زال الفارق بين المدربين بالطبع ثلاثين عاما ولكن المؤكد أيضا أن خبرة جوارديولا أصبحت أكبر وأنها تطورت ربما بشكل أكبر من التغير في خبرة فيرجسون.
وعلى مدار العامين الأخيرين بعد الهزيمة التي مني بها في نهائي 2009 ، نجح فيرجسون في بث الشباب والحيوية في صفوف الفريق من خلال تجديد دماء مانشستر يونايتد بلاعبين شبان مثل فابيو ورافاييل ودارون جيبسون وأنطونيو فالنسيا.
ونتيجة لهذا التطوير والتحديث ، يمتلك فيرجسون حاليا العديد من البدائل والاختيارات المتاحة أمامه مما يجعله قادرا على الدفع في هذه المباراة النهائية بعد غد السبت بتشكيل رائع.
وفي المقابل ، لا يمتلك جوارديولا نفس العدد الهائل من البدائل حيث يعاني من صغر حجم فريقه من الناحية العددية للاعبين كما تحوم الشكوك حول قدرة مدافعيه المخضرمين كارلوس بويول والفرنسي إيريك أبيدال في المشاركة بهذا النهائي المثير على استاد ويمبلي.
وينتظر ألا يشهد التشكيل الأساسي لبرشلونة أي مفاجآت لتكون المفاجأة الوحيدة المتوقعة من جوارديولا في كيفية التعامل مع المباراة والخطة التي سيعتمدها في هذا اللقاء الصعب.
وفي ظل الفارق الكبير في السن بين المدربين جوارديولا وفيرجسون ، يبدو الاحترام المتبادل واضحا وراسخا بينهما.
وعندما سئل في الأسبوع الماضي عن فيرجسون ، قال جوارديولا :"إنه أحد أفضل المدربين على الإطلاق وإنجازاته واضحة أمام الجميع".
وفي المقابل ، قال فيرجسون إن جوارديولا "مدرب بارز بالفعل". والحقيقة أن العديد من التقارير الإعلامية أشارت إلى الإعجاب الشديد لدى فيرجسون بالمدرب الأسباني المتألق جوارديولا لدرجة أنه رشح جوارديولا لخلافته في تدريب مانشستر يونايتد بعد اعتزاله (فيرجسون) التدريب.
وأوضح فيرجسون ، الذي يحتفل بعيد ميلاده السبعين في كانون أول/ديسمبر المقبل ، أنه ما زال مستمرا في تدريب مانشستر يونايتد.
وإذا نجح مانشستر يونايتد في التغلب على برشلونة بعد غد السبت ، سيمنح الفريق مدربه القدير فيرجسون اللقب الثالث له في البطولة القارية رفيعة المستوى حيث سبق له قيادة الشياطين الحمر للفوز باللقب في عامي 1999 و2008 .
ويستطيع فيرجسون بذلك حجز مكان له في قائمة أعظم المدربين بهذه البطولة إلى جوار مدربين رائعين مثل مات بوسبي وبيل شانكلي وبون بايسلي وبراين كلوج وهيلينيو هيريرا ورينوس ميتشلز وأريجو ساكي.
وإلى جانب اللقبين السابقين في دوري الأبطال ، قاد فيرجسون مانشستر يونايتد للفوز بلقب الدوري الإنجليزي 12 مرة في غضون 25 عاما تولى فيها تدريب الفريق منذ عام 1986 علما بأن رصيد مانشستر الإجمالي من الألقاب في الدوري الإنجليزي على مدار تاريخه هو 19 لقبا حيث انفرد بالرقم القياسي بعدد مرات الفوز بالبطولة بفارق لقب واحد فقط أمام ليفربول.
ومقارنة بفيرجسون ، يصبح جوارديولا مجرد مدرب ناضج ولكن سجله مع برشلونة يضعه ضمن قائمة العظماء أيضا في عالم التدريب.
وفي غضون ثلاث سنوات فقط تولى فيها تدريب برشلونة ، قاد جوارديولا الفريق إلى تسعة ألقاب بارزة منها ثلاثة ألقاب في الدوري الأسباني ولقب في دوري الأبطال الأوروبي لينال إشادة عالمية هائلة بهذا السجل الرائع حيث يطلق الجميع على برشلونة حاليا "فريق بيب" في إشارة إلى جوسيب جوارديولا.
ويأمل جوارديولا في قيادة فريقه إلى الفوز باللقب العاشر بعد غد السبت على استاد ويمبلي لكنه يعلم تماما أن رغبته تناقض أفكار ورغبات الثعلب العجوز فيرجسون.