في عام 1977 باع نادي ليفربول الانجليزي نجمه كيفن كيجان احسن لاعب في اوروبا مرتين الى هامبورج الالماني مقابل 500 الف جنيه استرليني.
وفي عام 2009 وبينما يناضل العالم للخروج من أزمة اقتصادية خانقة باع مانشستر يونايتد نجمه كريستيانو رونالدو الى ريال مدريد مقابل 80 مليون جنيه استرليني.
هل يعني ذلك ان رونالدو -الذي لا يمكن انكار قدراته التهديفية - يساوي 160 ضعف كيجان؟
لكن لا يمكن القول ان اقتصاديات كرة القدم هي انعكاس لواقع الحياة إذ رغم ان صفقة انتقال رونالدو لا تزال رقما قياسيا الا انه من الشائع الان انتقال لاعبين مقابل 30 أو 40 مليون جنيه استرليني (49-65 مليون دولار).
بل أصبح التعاقد مع لاعب جيد يكلف نحو 20 مليون جنيه استرليني وذلك بخلاف أجور اللاعبين التي زادت بشكل مخيف ايضا.
ففي العام الاخير من عقد رونالدو مع ريال مدريد الممتد لست سنوات سوف يتقاضى احسن لاعب في العالم سابقا 556 الف جنيه استرليني اسبوعيا.
لكن هذا الوضع لا يروق للاتحاد الاوروبي لكرة القدم الذي يريد تغييره وذلك عبر وضع حد للانفاق المتهور عن طريق تشريعات جديدة تجبر الاندية على انفاق الاموال وفقا لمواردها.
وتدخل القواعد التي اطلق عليها اللعب النظيف ماليا حيز التنفيذ مع انطلاق موسم البطولات الاوروبية هذا الشهر. وسوف تحصل الاندية على فرصة عامين لضبط حساباتها.
واذا خالفت اي اندية القواعد الجديدة التي تنص على الا يتجاوز الانفاق الايرادات بدءا من موسم 2013-2014 فان الاتحاد الاوروبي للكرة يقول انه سيمنعها من المشاركة في دوري ابطال اوروبا مما سيؤدي الى حرمانها من عشرات الملايين من اليوروهات في صورة عائدات البث التلفزيوني بالاضافة الى الشهرة على الصعيد العالمي التي ستستفيد منها الاندية عن طريق بيع تذكارات ومنتجات اخرى.
ويقول جياني انفانتينو الامين العام للاتحاد الاوروبي للعبة الشعبية ان التغيير لا غنى عنه.
وقال في مقابلة في مقر الاتحاد الاوروبي لكرة القدم في نيون بسويسرا إن الازمة الاقتصادية العالمية واعوام من الخسائر في قطاع كرة القدم الاوروبية - بلغت 1.2 مليار يورو عام 2009 وحده - أقنعت حتى رؤساء الأندية بانه لا يمكن الاستمرار في انفاق المزيد من المال.
وقال انفانتينو (41 عاما) لرويترز "شعروا بالقلق مثلنا ازاء زيادة الانفاق في اندية كرة القدم. تعين علينا ان نجد وسيلة للتيقن من ان أندية الكرة قادرة على الاستمرار في نشاطها مستقبلا."
ورغم اقتراب موعد سريان القواعد الجديدة الا ان معظم الاندية الكبرى في اوروبا مثل مانشستر يونايتد وتشيلسي وبرشلونة وريال مدريد وانترناسيونالي - واصلت الانفاق. ويقول منتقدون إن اندية كبرى سوف تجد وسائل للالتفاف حول اللوائح الجديدة ويشككون في قدرة الاتحاد الاوروبي على حرمان اندية كبرى مثل برشلونة ومانشستر يونايتد من خوض بطولاته لان ذلك سيحرمه من عشرات الملايين من مشجعي تلك الاندية وسيؤثر بالسلب على ايرادات الاتحاد نفسه.
وقال نيل باتي وهو مستشار لشؤون كرة القدم في مؤسسة ارنست اند يانج للمحاسبة "هناك احتمال كبير (ألا تلتزم) اندية مثل تشيلسي ومانشستر يونايتد وانترناسيونالي."
واضاف "اذا لم يلتزم برشلونة ومانشستر يونايتد سيجد الاتحاد الاوروبي للكرة صعوبة كبرى في حرمانهما من خوض بطولات اوروبية واعتقد ان الاتحاد يأمل بشدة ألا يحدث ذلك."
ويعد ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم هو المحرك الرئيسي لخطة اللعب النظيف ماديا مثلما قاد منتخب فرنسا نحو لقب كأس امم اوروبا في عام 1984.
ويقول بلاتيني وانفانتينو انهما يريدان فك الارتباط بين الانفاق المفرط للمال والنجاح في ملاعب الكرة. وتظهر الصلة بشكل جلي خلال الاعوام الاخيرة خاصة في الدوري الانجليزي حيث ضخ ملاك اثرياء مئات الملايين في اندية من اجل التتويج بالالقاب.
وعلى سبيل المثال اشترى الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش تشيلسي اللندني عام 2003 وأنفق 600 مليون جنيه استرليني في اول خمس سنوات بعد شراء النادي. ومنذ شراء النادي فاز تشيلسي بالدوري الممتاز ثلاث مرات وبكأس الاتحاد الانجليزي ثلاث مرات وبلغ نهائي دوري ابطال اوروبا عام 2008.
ودخل مانشستر سيتي دائرة الانفاق الكبير بعد ان اشتراه الشيخ منصور وهو من الامارات وضخ أكثر من 600 مليون جنيه استرليني منذ شراء النادي عام 2009 والنتيجة هي الحصول على كأس الاتحاد وهو اول لقب للفريق منذ عام 1976.
لكن بعض خبراء اقتصاديات كرة القدم يقولون إن بعض الملاك قد يتحايلون على اللوائح بضخ اموال للاندية واعلان انها مصادر للدخل ومن ضمن وسائل تحقيق ذلك صفقات رعاية يتم تضخيم قيمتها.
وحتى قبل سريان القواعد الجديدة فان أندية في الدوري الانجليزي تشير بأصابع الاتهام نحو مانشستر سيتي الذي حقق خسائر بلغت 123 مليون جنيه استرليني في العام الماضي. وتوصل سيتي الى اتفاق مع شركة طيران الاتحاد التي تشترك حكومة ابوظبي في ملكيتها مدته عشر سنوات بقيمة 400 مليون جنيه بمقتضاه يطلق اسم الشركة على استاد الفريق وتوضع لافتات دعاية للشركة في منشأة التدريب الجديدة كما يتم تمديد عقد رعاية قميص الفريق