جاءت تعاقدات الساعات الأخيرة للارسنال قبل إغلاق موسم الانتقالات الصيفية في إنجلترا لتؤكد رغبة إدارة الفريق العريق في إنقاذ ما يمكن إنقاذه و مد يد العون للمدرب التاريخي للنادي الفرنسي أرسين فينجر ، بعد أن بدأ الفريق الدوري الإنجليزي بشكل كارثي و غير مسبوق في العشر سنوات الأخيرة و لم يجمع إلا نقطة وحيدة بعد ثلاث جولات من تعادل سلبي مع نيوكاسيل في الجولة الأولي ثم خسارتين مريرتين إحداهما علي أرضه بملعب الإمارات أمام ليفربول (0-2) و الأخرى مذلة أمام مانشستر يونايتد في أولد ترافورد (2-
وهي المرة الأولي التي تتلقي فيها شباك العملاق اللندني هذا العدد من الأهداف منذ خسارته (0 - 12) أمام فريق روبرت عام 1900.
ولكن هل تساهم التعاقدات الأخيرة للجانرز في الخروج من الازمة؟ أم أن (بخل) إدارة الفريق في جلب صفقات من العيار الثقيل كالتي تبيعها لن يغير من الأمر شيء؟.
فقد تعاقد الفريق مع المدافعين الدوليين البرازيلي أندريه سانتوس و الألماني بير ميرتساكر القادمين من فنربخشة التركي و فيردر بريمن الألماني و معهما لاعبا الوسط الأسباني مايكل أرتيتا من إيفرتون و لاعب وسط تشيلسي المنتمي للكيان الصهيوني يوسي بن عيون على سبيل الإعارة بعد أن تعاقد مع المهاجم الكوري الجنوبي بارك تشو يونج من موناكو الفرنسي.
سؤال أخر يقفز لأذهان عشاق الفريق العريق الذي تأسس عام 1886 هل تخلى المدرب الأنيق عن سياسته في جلب المواهب الشابة لمعقل الفريق في "الهايبري" ثم في ملعب الإمارات الذي انتقل له الفريق عام 2006 ليكتشفهم و ينمي مواهبهم ثم يُعاد بيعهم مجدداً خصوصاً أن أعمار هذا الخماسي مرتفعة نسبياً مقارنة بعادة فينجر في التعاقد مع النجوم اليافعين ؟
وتتواصل التساؤلات من عشاق الفريق الذي فشل في الحصول على أي بطولة منذ فوزه بكأس إنجلترا عام 2005 بفارق الركلات الترجيحية علي حساب مانشستر يونايتد ،هل تعوض هذه الصفقات ومعها صفقات بداية الصيف الحالي رحيل نجوم بحجم الأسباني سيسك فابريجاس المنتقل لبرشلونة و الفرنسيين جايل كليتشي و سمير نصري المنتقلين إلي مانشستر سيتي و الإيفواري إيمانويل إيبويه الذي رحل إلى اسطنبول صوب عريق الكرة التركية جلطة سراي؟
فينجر ما قبل أرسنال
بعد رحلة قصيرة مع كرة القدم كلاعب في فريق ستراسبورج الفرنسي بدأ أرسين فينجر المولود في 22 أكتوبر 1949 مسيرته التدريبية مع فريق نانسي بداية الثمانينات و رغم أنه لم يحقق أي نجاح يُذكر وقتها إلا أن بدايته الحقيقية كمدرب كانت مع فريق موناكو عام 1987 حيث قاده للفوز بلقب الدوري الفرنسي موسم 1987/1988 ثم كأس فرنسا عام 1991 و ظل مع فريق الإمارة الفرنسية حتى موسم 94/94 قبل أن ينتقل لأرض الشمس المشرقة لتدريب فريق ناجويا جرامبوس الياباني و يحقق معه نتائج رائعة.
أرسين و أرسنال ... علاقة تاريخية
بعد 9 سنوات قضاها المدرب الإسكتلندي جورج جراهام في النادي اللندني( مايو 1986 و حتى فبراير 1995) حقق خلالها الفريق 6 بطولات منها لقبه الأوربي الثاني علي حساب بارما الإيطالي بفضل هدف لاعبه ألان سميث في بطولة أوربا أبطال الكئوس،وبعد أن رحل هذا المدرب على خلفية تورطه في فضائح رشاوى و عمولات من صفقات بيع اللاعبين ، تخبطت إدارة أرسنال في اختيار خليفة له حتى أن 4 مدربين تعاقبوا على تدريب الفريق في موسم واحد. ثم وقع اختيار ديفيد دين نائب مدير النادي وقتها علي صديقه الفرنسي أرسين فينجر وتم توقيع العقد في سبتمبر 1996 ليكون "المهندس" الفرنسي المدير الفني رقم 19 للعملاق اللندني وأول مدير فني من خارج المملكة المتحدة يتولي هذه المهمة بعد نحو 100 سنة من بداية نشاط كرة القدم الرسمي في "قلعة المدفعجية".
العصر الذهبي يعود
إذا كان عشاق أرسنال يتغنوا حتى الآن بالمدرب التاريخي هيربرت تشابمان الذي تولي تدريب الفريق في الفترة من يونيو 1925 و حتى وفاته في يناير عام 1934 وحقق معه سبع بطولات لدرجة أقامة تمثال له في ملعب الإمارات ، فماذا عن أرسين فينجر الذي تولي القيادة الفنية لهذا الفريق لخمسة عشر عاماً قاد الفريق خلالها للفوز ب 11 بطولة منها ثلاثة بطولات دوري إحداها بدون خسارة موسم (2003/2004)، بالإضافة إلى 4 بطولات لكأس إنجلترا و مثلها في كأس الإتحاد ناهيك عن وصول "المدفعجية" تحت قيادته إلى نهائي دوري أبطال أوربا 2006 قبل أن يخسروا من برشلونة بهدف لهدفين على ستاد دي فرانس بضاحية سان دوني في العاصمة باريس؟.
هل هي الفرصة الأخيرة؟
كثيراً ما أدخل هذا الرجل الفرحة و السعادة في قلوب أنصار "الجانرز" و جعلهم يشعرون بالفخر لأنهم يشجعون هذا الفريق الممتع الذي يقدم كرة حديثة وفن راق في دوري معروف عنه اعتماده على القوة البدنية والأداء العنيف.
ولعل شهادة جوسيب جوراديولا المدرب الأفضل في العالم الآن بحق الفرنسي صاحب ال 62 عاماً تؤكد مدى احترام منافسو الرجل له و لقدراته الفنية ،حيث قال مدرب الفريق الكتالوني قبل لقاء فريق فياريال في الليجا معلقاً على خسارة أرسنال أمام مانشستر يونايتد في الجولة الثالثة 2- 8 :"كان أرسنال فريقا يلعب بطريقة رائعة للغاية، يوجد في الرياضة الكثير من الأمور الجيدة لا تتعلق بالفوز والخسارة فقط".
ولكن هل يوجد في قاموس مشجعي كرة القدم أمور جيدة غير تحقيق الفوز؟ وهل هناك مرادف لمعنى النجاح عند إدارة أرسنال أو غيرها إلا إحراز الانتصارات التي تصل بالفريق إلي منصات التتويج؟ هل تمسك فينجر بنصري و فابريجاس ثم قرار رحيلهما أكد أن سعي هذه الإدارة لتحقيق الأرباح أهم بكثير من رغبتها في إحراز البطولات ؟هل مجموعة التعاقدات الجديدة جاءت بمثابة الفرصة الأخيرة من إدارة الرئيس بيتر دينيس هيل وود للمدرب الكبير الذي جدد تعاقده مع الفريق في أغسطس من العام الماضي حتى 2014 ؟
الأسابيع أو الشهور القليلة المقبلة كفيلة بالإجابة علي كل هذه التساؤلات، فإما تحسن النتائج و العودة إلى منصات التتويج ،أو انتهاء العلاقة التاريخية بين المدرب الفرنسي الأنجح و الأشهر خارج فرنسا و الفريق الإنجليزي الذي يعد أحد أضلاع مربع الكبار في بلد مهد كرة القدم.