أسقط رقم النحس الشهير "13" إلى جانب "لعنة نجم الغلاف" أبرز نجوم العالم مع انضمام العداء الجامايكي الشهير أوسين بولت إلى قائمة الخاسرين ومخيبي الآمال الطويلة ببطولة العالم الأخيرة لألعاب القوى التي اختتمت منافساتها أمس الأحد في مدينة دايجو بكوريا الجنوبية.
وجاء استبعاد بولت من سباق مئة متر للرجال بسبب بدايته الخاطئة للسباق كأحد أكبر الصدمات في تاريخ ألعاب القوى ، ولكن العداء الجامايكي على الأقل سنحت أمامه فرصة أخرى للتعويض عن إخفاقه المبكر بإحراز ميداليتين ذهبيتين أخريين في سباقي 200 متر و4×100 متر تتابع ، مسجلا زمنا قياسيا جديدا مع الفريق الجاميكى في سباق التتابع.
وقال بولت: "أنهيت البطولة على نحو جيد للغاية. كانت البداية سيئة ولكن النهاية جيدة".
وجاءت انتصارات بولت الأخيرة ببطولة العالم كلحظات مجد نادرة بالنسخة 13 من بطولة العالم لألعاب القوى ، إلى جانب نجاح العداءة الأسترالية سالي بيرسون الكبير في سباق 100 متر حواجز للسيدات وسيطرة ديفيد روديشا التامة على سباق 800 متر من البداية وحتى النهاية والذي جاء ضمن أفضل ظهور على الإطلاق لكينيا في تاريخ بطولات العالم للقوى.
واستغل العداء الجنوب أفريقي مبتور الساقين أوسكار بيستوريوس فرصة المشاركة للمرة الأولى في إحدى البطولات الكبرى للأصحاء (أي بعيدا عن بطولات المعاقين) على أفضل نحو حيث أحرز "العداء الشفرة" فضية سباق التتابع 4×400 متر بعدما تأهل للدور قبل النهائي لسباق 400 متر.
كما لفتت مواطنته كاستر سيمينيا الأنظار بإحرازها فضية سباق 800 متر بعد الجدل الكبير الذي أثير حول نوعها.
وتحدث لامين دياك رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى عن "بطولة عالم استثنائية" رغم أنه "في بعض الأحيان لم يكن النجوم الكبار يحققون النتائج التي يريدونها".
فلم يحالف الحظ العديد من اللاعبين واللاعبات خلال الأيام التسعة للبطولة بمدينة دايجو الحارة مع إقامة بطولة العالم أخيرا في آسيا للمرة الأولى في تاريخها الذي يشمل إجمالي 13 نسخة.
ورغم أن نجمة القفز بالزانة الروسية إلينا إسينباييفا لم تخفق في تسجيل أي ارتفاع كما فعلت من قبل في بطولة العالم السابقة عام 2009 ، لم يكن المركز السادس الذي حققته في نهائي المسابقة هو المنتظر مع ذلك من ملكة القفز بالزانة في العالم.
من ناحية أخرى لم يسجل بطل العالم والأولمبياد الأسترالي ستيف هوكر أي ارتفاع من جانبه في المسابقة نفسها على مستوى الرجال.
وانسحبت نجمة سباقات المسافات الطويلة الأثيوبية كينينيسا بيكيلي من سباق عشرة آلاف متر ، بينما جرد البطل الأولمبي الكوبي دايرون روبليس من ذهبية سباق 110 متر حواجز بعد فوزه بالسباق. كما نقلت مواطنته يارجيليس سافين مصابة بعيدا عن المضمار في نهائي مسابقة الوثب الثلاثي.
واكتفت العداءة الأمريكية أليسون فيلكس بذهبية سباق التتابع مع فريق بلادها بعدما كانت تسعى لإحراز ذهبيتى سباقي 200 متر و400 متر .
وكان هوكر وبولت وروبليس وإسينباييفا وسافين وفيلكس (إلى جانب كارميليتا جيتر) جميعا أبطالا فشلوا في إحراز الميدالية الذهبية في مسابقاتهم بعد ظهور كل منهم على غلاف مجلة البرنامج اليومي للبطولة. ولم يستثنى من هذه القاعدة سوى بطلة المشي الروسية أولجا كانيسكينا وبيرسون وبولت نفسه أمس الأحد.
ولم تسلم كوريا الجنوبية نفسها من نحس الرقم 13 لتصبح أسوأ دولة مضيفة في تاريخ بطولات العالم للقوى.
وكانت التوقعات متواضعة بالفعل قبل انطلاق البطولة ، ولكن أفضل نتائج كوريا الجنوبية في دايجو كانت احتلالها المركز السادس بأحد سباقات المشي والمركز السابع في سباق آخر وهو ما جاء أسوأ من المركز الخامس الذي حققته دولتين مضيفتين أخريين لم تتمكنا من إحراز أي ميداليات ببطولات عالم سابقة للقوى وهما السويد (في جوتنبرج عام 1995) وكندا (في إدمونتن عام 2001).
واكتملت مأساة كوريا الجنوبية عندما تأهل نجمها كيم ديوك هيون إلى نهائي مسابقة الوثب الطويل ولكنه لم يشارك فيه مع ذلك لأنه أصيب بعدها في تصفيات مسابقة الوثب الثلاثي.
وأبعد هذا الحادث الجماهير عن الاحتفالات المتوقعة وزاد من انطباعها بأن الحياة لم تدب في بطولة العالم سوى خلال أيامها الثلاثة الأخيرة.
وأخفقت الروسية ماريا أباكوموفا في معادلة الرقم القياسي العالمي لمسابقة رمي الرمح والمسجل باسم التشيكية باربورا سبوتاكوفا بفارق 29 سنتيمترا فقط ولكنها مع ذلك انتزعت ذهبية المسابقة من منافستها التشيكية يوم الجمعة الماضي.
وفي اليوم التالي فازت بيرسون بذهبية سباق 100 متر حواجز للسيدات بفارق سبعة أجزاء من المئة من الثانية من الزمن القياسي العالمي لتصبح رابع أسرع عداءة في تاريخ هذا السباق ، وبعد مرور 20 دقيقة فقط أعربت الجماهير عن رضاها عن البطولة الحالية بمجرد تجاوز بولت البداية الخاطئة بسباق المئة متر ليحرز ذهبية سباق 200 متر مسجلا رابع أسرع زمن في تاريخ السباق.
ولم يتم تحطيم الزمن القياسي العالمي هذا العام سوى في السباق الأخير من بطولة العالم.
ولم يتمكن سوى أقل من نصف أبطال منافسات بطولة العالم السابقة عام 2009 من الدفاع عن ألقابهم هذا العام ، ولكن ربما تتحول دايجو شديدة الحرارة والرطوبة إلى نقطة الانطلاق بالنسبة للعديد من نجوم المستقبل.
واعترف بولت نفسه بأن زميله الصاعد في التدريبات يوهان بليك سيكون قوة ضاربة في المستقبل بعد إحرازه ذهبية سباق مئة متر للرجال ، وهذا في الوقت الذي ذهبت فيه ذهبية سباق 400 متر إلى عداء جرينادا كيراني جيمس على مستوى الرجال وإلى البتسوانية أمانتلي مونتشو على مستوى السيدات.
ونجح الأثيوبي الصاعد إبراهيم جيلان في مطاردة البطل البريطاني محمد فرح ليحرز ذهبية سباق 10 آلاف متر بطريقة رائعة ، قبل أن يستعيد فرح نفسه توازنه ليحرز لقب سباق الخمسة آلاف متر.
وكانت الولايات المتحدة هي المتصدرة المعتادة للجدول النهائي لميداليات البطولة برصيد 12 ذهبية وثماني فضيات وخمس برونزيات. ولم تبتعد كينيا عنها كثيرا في الترتيب بعدما جمعت سبع ذهبيات وست فضيات وأربع برونزيات في أفضل ظهور لها على الإطلاق في تاريخ بطولات العالم لألعاب القوى خاصة مع إحرازها جميع ميداليات سباقي الماراثون و10 آلاف متر للسيدات.
ومن بين إيجابيات بطولة دايجو ، عدم اكتشاف أي حالات إيجابية خلال اختبارات الكشف عن تعاطي المنشطات التي أجراها الاتحاد الدولي لألعاب القوى خلال البطولة رغم إجرائه اختبارات دم ، للمرة الأولى ، لجميع المتسابقين ال1848 المشاركين في البطولة من 200 دولة مختلفة.
وتعتبر دورة الألعاب الأولمبية الصيفية "لندن 2012" التي تنطلق خلال أقل من 11 شهرا هي التجمع الكبير التالي لألعاب القوى قبل إقامة النسخة 14 من بطولات العالم في عام 2013 بالعاصمة الروسية موسكو.