لقب كوبا أمريكا أو الكارثة. هذان كانا الخياران المتاحان للأرجنتين والمدير الفني لمنتخبها الأول لكرة القدم سرخيو باتيستا في شتاء نصف الكرة الجنوبي، وحدث ما هو أسوأ: أن يخرج راقصو التانجو من دور الثمانية، وأن يبقى المدير الفني دون أي رصيد جماهيري بعد ثمانية أشهر فقط في المنصب.
يطالب عدد كبير من مسئولي الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم خوليو جروندونا، رئيس الاتحاد، بإقالة باتيستا، الذي خلف دييجو أرماندو مارادونا في منصب، كان قبل ذهابه للأخير بحوزة ألفيو باسيلي، الذي بدوره بقي دون أي تأييد من جانب اللاعبين أو المسئولين في لحظات أواخر عام 2008.
وإذا ما أقيل باتيستا من منصبه بعد غد الاثنين عقب اجتماع مع اللجنة التنفيذية للاتحاد الأرجنتيني، ستبدأ بلاد التانجو رحلة البحث عن مديرها الفني الرابع في غضون أربع سنوات، الأمر الذي لم يتعرض له من قبل جروندونا، رئيس الاتحاد المحلي منذ 32 عاما.
وتحولت "ضرورة الفوز" بلقب كوبا أمريكا إلى حمل على لاعبي المنتخب الأرجنتيني. فقد كان اللاعبون أنفسهم هم من تحدثوا عن "دين" يتحتم سداده بعد 18 عاما لم يحرز فيها الفريق أي لقب. وتحدث الجميع فيما يشبه الكورال بجملة واحدة "حان الوقت لإحراز لقب".
تقبل اللاعبون وقتها الضغط، وحينها طلب باتيستا من الجماهير أن تحاول توجيه هذا الضغط إلى مساندة، وقال في لحظة ما إن كوبا أمريكا لم تكن هي الهدف الرئيسي لولايته محاولا تسليط الأضواء بعض الشيء على مونديال البرازيل 2014.
بيد أنه في النهاية يختلط الدعم والضغط داخل كرة القدم، فيتحولان إلى نفس الشيء، خاصة عندما يتم صنع صورة تتحدث عن القدرات الفائقة والمهارات العالية كضمان لتحقيق فريق لنجاح، لا يقترب حتى منه في النهاية.
سقطت الأرجنتين أمام بوليفيا وكولومبيا (الضغوط لم تكن تتقبل سوى تحقيق الانتصار في المباراتين وليس تعادلين بشق الأنفس) وسقطت اللعنات من المدرجات على رؤوس الكل دونما استثناء، بما في ذلك ليونيل ميسي الأفضل بين الجميع.
كان باتيستا قد تحدث عن أن الهدف هو إتباع مثال إسبانيا، ووضع مثالا على ذلك نادي برشلونة، لكن ما ظهر في الملعب كان منتخبا أرجنتينيا يضم نجوما مبعثرين، من دون خطة لعب واضحة.
بعد ذلك، تمكن الفريق الأرجنتيني من تحقيق انتصاره الوحيد في البطولة على كوستاريكا، قبل أن يحصل لاعبوه على إجازة مبكرة عقب السقوط أمام أوروجواي في دور الثمانية، إثر التعادل في الوقتين الأصلي والإضافي قبل الخسارة من نقطة الجزاء.
وكان هناك لاعبون على وجه الخصوص، شعروا سريعا بالتحول من "أكون" إلى "كنت" في غضون ساعات معدودة. فكارلوس تيفيز "لاعب الشعب" الذي كان باتيستا قد استدعاه لعدم الدخول في صدام مع الجماهير بعد أن صرح بأنه لا يحتاج إليه، فقد مكانه في التشكيل الأساسي بعد أن لعب في مركز لا يرتاح فيه خلال مباراتين.
لم يعرف إيبر بانيجا كيف يكون ممولا لميسي، وبدا استيبان كامبياسو بعيدا عن مكانته كعمود فقري في ناديه إنتر الإيطالي. ابتعد إيزيكيل لافيتسي إلى مقاعد البدلاء، وظهر في الصورة جونزالو إيجواين وسرخيو أجويرو. لم يحظ أنخل دي ماريا بثقة المدرب كاملة، وفي الدفاع انتقل خابيير زانيتي دون سابق إنذار من مركز الظهير الأيمن إلى الأيسر.
خارج كوبا أمريكا، المقامة في أقصى جنوب القارة، كان الجو باردا. ذلك ما يفهمه الآن باتيستا، الذي تجرأ يوما وقال إن هذه البطولة لا تعدو عن أن تكون إحدى المراحل التي يمر بها الفريق قبل المونديال.
ومن المقرر أن يجتمع مسئولو الاتحاد الاثنين لبحث وضع باتيستا، بعد أن بدأت الصحف المحلية من يوم أول أمس الخميس رحلة الإعداد لإقالة المدير الفني أو الإيعاز بضرورة أن يكون ذلك هو نهاية الحكاية.
دعا ذلك كارلوس بيلارو، مدير المنتخبات الوطنية الأرجنتينية، إلى أن يصرح بأنه "إذا كان الخبر يخرج في جميع الصحف، فبالتأكيد هناك شيء ما قد حدث"، بعد أن أكد أن تلك الأنباء لم تصله سوى عن طريق أشخاص آخرين استمعوا إلى الإذاعة أو شاهدوا التلفاز. حينها، سيكون على بيلاردو أن ينام وهو يغمض عينا واحدة على الأكثر، لأن رأس الرجل هو الآخر بات مطلوبا من جانب العديد من أعضاء الاتحاد.
استمرار مانو مينيزيس في البرازيل، وإيرنان جوميز في كولومبيا، وكلاوديو بورجي في تشيلي، وسرخيو ماركاريان في بيرو، لا يبدو أمرا محل شك. لكن مشوار باتيستا يوحي بفشل ذريع، وذلك يرعب مسئولي الكرة في بلاد التانجو.