قضى السويسري روجيه فيدرير أكثر من نصف حياته الرياضية في قمة التنس العالمي (تحديدا 285 أسبوعا، أكثر من خمسة أعوام)، ظل فيها دائما شخصا ينال التقدير لأناقته وسلوكه المهذب سواء داخل أو خارج الملاعب.
ومع احتفاله اليوم بعيد ميلاده الثلاثين، بدأ فيدرير المصنف الثالث عالميا في قائمة لاعبي التنس المحترفين خلف كل من الصربي نوفاك ديوكوفيتش والإسباني رافائيل نادال، ينظر إلى الحياة بطريقة تختلف كثيرا عما كان يفعل منذ دخل عالم المحترفين عام 1998.
فالآن لم تعد اهتماماته مقتصرة على اللعبة البيضاء، بل إن أولوياته تغيرت كثيرا بعد أن اكتسب الجانب الشخصي المزيد من الأهمية على يد أسرته المكونة من زوجته ميركا فافرينيك، لاعبة التنس السويسرية السابقة ذات الأصل السلوفاكي التي عقد قرانه عليها في 2009 ، وابنتيه التوأم روز وتشارلين ريفا اللتين ولدتا في 24 يوليو/تموز من نفس ذلك العام.
وحول هذه المتغيرات التي طرأت على حياته، قال السويسري في مقابلة مع محطة (بي بي سي) في مايو/آيار عام 2010 "ليس لدي مشكلة في أن أقول إنني في النصف الثاني من مشواري، لأنني الآن لدي أطفال وأمور جمة قد تغيرت في الوسط المحيط بي".
وعلى الرغم من تاريخيه الناصع مع لعبة الصفوة والذي يسطع فيه قرابة 800 انتصار، بينها 39 في عام 2011 ، يبدو أن الرجل الذي ينظر إليه على أنه لاعب التنس الأفضل على مر العصور والذي يعده الكثيرون بمثابة الأسطورة وصاحب الرقم القياسي لعدد مرات التتويج في البطولات الأربع الكبرى "جراند سلام" (16 لقبا)، قد تغير كثيرا منذ مولد ابنتيه، اللتين يحاول إبقائهما قريبتين منه في كل بطولة يشارك فيها، وإن كان ذلك لا يبدو ممكنا دائما.
وصرح فيدرير في أكتوبر/تشرين أول عام 2010 خلال وجوده في الصين بقوله: "ميركا تحكي لي الكثير من الأمور حول ابنتاي، ما تفعلانه وما إلى ذلك. إنه أمر ممتع، لكن ذلك لا يعادل الوجود معهما بالتأكيد".
ويجبر الابتعاد عن الأسرة نجم التنس على "الاتصال بها مرات كثيرة يوميا" حسبما حكى في الصين. ويضيف "إننا على اتصال وأعرف ما تقمن به، سواء الطفلتين أو ميركا. في البداية كانت الأمور مختلفة تماما. الآن قد تعودنا".
وبعد أن أصبح أبا، شدد فيدرير على القيم التي طالما دافع عنها داخل وخارج ملعب التنس، حيث قال خلال مشاركته في بطولة أستراليا المفتوحة في يناير/كانون ثان عام 2010 "الأمر الأهم هو الحفاظ على اللعب النظيف، واحترام الرياضة، واحترام المنافس، والتعامل بتهذب مع كل من تقابله. إنها أمور علمني إياها أبواي، وأنا أحاول فعل الأمر نفسه".
وفضلا عن التزاماته الأسرية والرياضية، يحاول فيدرير توفير وقت لأعمال الخير وللمؤسسة التي تحمل اسمه "مؤسسة روجيه فيدرير من أجل أفريقيا" والتي أسسها عام 2003 لتقديم المساعدة إلى أطفال جنوب أفريقيا، البلد الذي ولدت فيه والدته، ودعم الرياضة بين الشباب.
وحول الأعمال الخيرية هذه عقب فيدرير أثناء فترة إقامته في العاصمة الإسبانية مدريد خلال الاحتفالات بالعام الجديد قبل أشهر، حيث واجه صديقه نادال في مباراة خيرية بقوله: "يمكننا مساعدة الكثير من الأطفال في جميع أنحاء العالم. لا أحتاج إلى مؤسسة كي أتذكر أنني لاعب تنس، لكنني بذلك يمكنني تقديم شيء للآخرين، وذلك أمر أرغب به".
وفي النهاية يبدو أن أفضل لاعبي التنس في التاريخ منشغلا في سن الثلاثين بأبوته، في "النصف الثاني" من مشواره، وفي الأشياء التي اكتشفها منذ ولادة طفلتيه التوأم. وهو ما أوجزه في مقابلة مع صحيفة (الباييس) الإسبانية خلال مايو/آيار عام 2010 بقوله " اكتشفت أنك قد تحب أبنائك أكثر من أي شيء في هذا العالم".